الأربعاء، 13 أبريل 2016

كتابة السيناريو : التشويق


              

  


                                                                                             

  نقول ونكرر بأن السيناريو هو شكل من أشكال الحكي ، وكل إنسان له القدرة على الحكي ، بل أكثر من ذلك  لا يستطيع الناس أن يتوقفوا عن الحكي ، فنحن نمارس الحكي حين نحكي عن ما يقع لنا سواء في العمل أو في المنزل حين نحكي عن همومنا وعن مغامراتنا المختلفة ...
   لكن هناك حكي مشوق وحكي غير مشوق وتتحدد درجة التشويق من خلال درجة اهتمام المتلقي بما نحكيه سواء كان هذا المتلقي صديق يجلس بجانبك أو مجموعة أصدقاء أو مجموعة من الناس أو مجموعة من المتلقين المفترضين وهم أولئك الذين نخاطبهم من خلال وسيط .
   ونحن نربط التشويق بالحكي أساسا وليس بالحكاية ولابأس أن نذكر بالعناصر الثلاثة المكونة للخطاب الحكائي ( حكاية ، حكي ، شكل حكائي ) .
   الحكاية  : عنصر مجرد لابد لها من شكل توضع فيه و أحداثها تجري في الواقع أو ـ في واقعها الافتراضي ـ وفق خط زمني محدد هي وحدها من لها القدرة على تحديد مساره وترتيبه ( يمكن التعرف أكثرعلى الموضوع من خلال الموضوع التالي  : http://saidelharech.blogspot.com/2015/06/blog-post_25.html )
   الحكي  : هو الطريقة التي نرتب بها أحداث الحكاية لإضفاء عنصر التشويق والمتعة عليها فقد نخفي معلومات عن المتلقي أو أحداث رغبة في إثارة اهتمامه  ، إذن فنحن نتلاعب بالخط الزمني الأصلي للحكاية ونعيد ترتيبه وفق ما نراه ملائما لشد انتباه المتلقي .
   الشكل الحكائي : هو القالب الذي نضع فيه حكايتنا : رواية ، حكي شفوي ، سيناريو ... وكل قالب نختاره لكي نضع فيه حكايتنا نحن ملزمون بالخضوع لشروطه وقواعده التقنية .
  التشويق إذن مرتبط بالحكي لأنه العنصر الذي نتلاعب فيه بالسيرورة الزمنية لأحداث الحكاية ، وسنقدم هذا المثال البسيط عن حكاية الجريمة  ـ أي جريمة ـ فالأحداث تسير وفق الترتيب التالي : النية في ارتكاب الجريمة ، التخطيط ، التنفيذ ، اكتشاف الجريمة ، البحث عن المجرم ، الإيقاع به ... فالأحداث لا يمكنها أن تسير إلا وفق هذا الترتيب في واقع الحكاية ، لكن من خلال الحكي قد نبدأ باكتشاف الجريمة ثم البحث عن المجرم ... أو نبدأ بالإيقاع بالمجرم الذي يبدأ يحكي عن كيفية ارتكابه للجريمة .
  إذن علينا أن نقوم أولا بترتيب أحداث الحكاية ، ثم نختار ما الذي ينبغي أن نقدمه وما الذي ينبغي أن نؤخره لنمنح حكايتنا التشويق والمتعة . 
  لتحميل مؤلف : 
   موضوع السيناريو اضغط الرابط   https://asnadstore.com/products/2i3g/

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

تحليل المشهد باعتباره جملة نحوية




    إن نظرتنا إلى المشهد باعتباره جملة نحوية ( نحوالصورة ) 1، هي التي تفرض علينا دراسة هذه الجملة في انفصال عن الجمل النحوية الأخرى ( المشاهد ) ، فغايتنا هو الوقوف عند الحدود التي تخبرنا ما إن كنا أمام جملة صحيحة نحويا أم لا ، فهذه الجملة قبل أن تنخرط في البناء الكلي للحكي ، لابد أن تكون أولا صحيحة من الناحية التركيبية والدلالية ، و المتلقي  باعتباره طرفا في العملية التواصلية  لن يتقبل هذه الجملة إلا إذا كانت صحيحة ، لكن كيف نحكم على جملة فيلمية بأنها صحيحة أو خاطئة ؟ إن هذا ماسنحاول تطبيقه على هذا المشهد   ( الجملة الفيلمية ) من فيلم دكان شحاتة لخالد يوسف.








     عندما نتأمل هذا المشهد نلاحظ وجود خطأ ، فصوت المؤذن ، وصوت المدفع يشير إلى لحظة الغروب ، لكن نور الشمس ، وظل الأشجار ينفي هذه الدلالة عن الجملة .

  


   إذن نحن نحكم على هذه الجملة الفيلمية بالخطأ ، لكن علينا تقديم التفسير المنطقي الذي بنينا عليه حكمنا هذا .
   إننا حين نحكم على جملة ما بأنها جملة خاطئة فهذا يعني أننا نمتلك نموذجا صائبا نتخذه كمعيار للقياس ، لأن الخطأ مؤشر على وجود الصواب ، وإذا سلمنا بوجود هذا النموذج المعياري ، فعلينا أن نبحث عن آليات اشتغاله .
  إن الجملة الفيلمية تقدم لنا نفسها باعتبارها كلا متجانسا ، ونحن علينا القيام أولا بعملية تفكيك لهذا الكل المتجانس ، وهذا ما سنحاوله من خلال المشجر التالي :
   إذن بالقيام بعملية تفكيك ، نتوصل إلى أن الجملة الفيلمية تتشكل من ثلاثة عناصر : الزمان ، المكان، الأشياء .
  الزمان : الغروب / المكان : خارجي : أمام الدكان / الأشياء : بشر ، أشجار ، فواكه ، مدفع ، ثلج ، مشروب ، الشمس ...
  نلاحظ بأننا لم نوظف مفهوم الشخصية واستبدلناه بمفهوم ( بشر ) لأننا نتعامل مع المشهد باعتباره جملة نحوية ، أي جملة  معزولة عن سياقها الحكائي .
  نلاحظ أيضا وجود عناصر لاتظهر في المشهد لكننا ندركها من خلال عناصر أخرى ، صوت الآذان يحيل على المؤذن ، صوت الانفجار يحيل على المدفع ...
   المشهد يريد أن يوصل إلينا معلومة حلول وقت الإفطار في رمضان ، والإفطار يكون بعد غروب الشمس ، صوت المؤذن ، وصوت المدفع يخبرنا أن زمان المشهد هو فترة الغروب ، لكن نور الشمس وظل الأشجار يناقض هذه المعلومة .
   إذن فالعناصر داخل المشهد ، أوداخل هذه الجملة الفيلمية ، لم تتوفق في إيصال المعلومة بصورة صحيحة للمتلقي ، وبذلك فنحن أمام جملة نحوية خاطئة ، ولكي نصحح الجملة علينا إزالة نور الشمس وظل الأشجار ، أو اختيار فترة الغروب أثناء تصوير المشهد.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1 ـ نشير هنا أننا تعاملنا مع المشهد باعتباره جملة منفصلة عن كل الجمل الأخرى في الحكاية ، أي جملة تبتدأ مع بداية المشهد وتنتهي بنهايته ، لأننا حين نربطها بما قبلها ومابعدها سننتقل من العلاقات النحوية إلى العلاقات الحكائية ، وهذا يفرض إلى جانب الانضباط للقوانين النحوية ضرورة الانضباط للقوانين الحكائية .